يمثل انعقاد اللقاء التشاوري للإعلاميين والنشطاء الحضارمة في مدينة العليب من هضبة العز الضرمية ، حدثًا تاريخيًا مفصليًا، لا سيما في ظل الظروف السياسية المعقدة التي تشهدها المنطقة. إن تجمع ما يقارب من 300 إعلامي وناشط في مكان واحد يعكس تنامي الوعي الحضرمي بضرورة توحيد الصفوف وتشكيل جبهة إعلامية قوية وموحدة لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجه حضرموت. حيث يهدف هذا اللقاء إلى إرساء ركائز الإعلام الحضرمي المستقل، الذي يتجاوز الولاءات الحزبية والتبعية لأي عواصم آخرى ، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بقضية حضرموت وهويتها.
فقد جاء اللقاء في لحظة فارقة، حيث تتصاعد الهجمات الإعلامية الموجهة ضد حلف قبائل حضرموت ومشروع الحكم الذاتي وتشكيل قوات حماية حضرموت. ولهذا، فإن حضور هذا العدد الكبير من الإعلاميين والنشطاء يعطي رسالة واضحة بأن هناك إجماعًا متزايدًا على ضرورة بناء خطاب إعلامي حضرمي موحد، قادر على التصدي لهذه الهجمات، ونقل مظلومية حضرموت إلى العالم.
وقد لعب خطاب الشيخ عمرو بن حبريش العليي، رئيس حلف قبائل حضرموت، دورًا محوريًا في إثراء اللقاء وتوجيه بوصلته. حيث استعرض الشيخ بن حبريش بوضوح وجسارة ، مظلومية حضرموت التاريخية، مؤكدًا أن كل بيت في حضرموت قد اكتوى بنار المعاناة على مدى عقود من التهميش والإقصاء. ودعا الشيخ بن حبريش جميع القيادات والمكونات والنخب الحضرمية إلى تجاوز الخلافات والتوحد حول قضية حضرموت، وخيار الحكم الذاتي وتشكيل قوات حماية حضرموت. كما أكد أن الدولة العميقة السابقة قد انهارت، وان الدولة الحالية لم تمتلك شرعيتها الدستورية و القانونية ، وانما تمثل تحالف حزبي هش ، ليس لحضرموت تمثيل مستقل فيه وعلى راسها مجلس الرئاسة ، وقد أن الاوان لتصحيح اوضاعها ، و لأن تعطي لحضرموت مكانتها التي تستحقها، وفقًا لثقلها السياسي والجغرافي والاقتصادي والتاريخي والسكاني.
وشدد على أن الإعلاميين الحضارمة يمثلون ركيزة أساسية في معركة الوعي، ودعاهم إلى الابتعاد عن المناكفات، والتركيز على الدفاع عن قضية حضرموت كقضية وطن ، وانهم سيلقون من الحلف الرعاية والدعم القوي لانهم لسان الشعب الحضرمي .
وقد تجسدت أهمية هذا اللقاء في مخرجاته التي تمثلت في خارطة طريق للعمل الإعلامي المستقل تضمنت:
●إشهار اتحاد الإعلاميين والصحفيين الحضارم، حيث يُعد هذا القرار أهم إنجازات اللقاء، فإعلان تأسيس كيان نقابي مهني مستقل للإعلاميين الحضارم لا يتبع أي جهة جنوبية أو شمالية، خطوة نوعية لتوحيد جهود الإعلاميين، والدفاع عن حقوقهم، وتأسيس منصة إعلامية قادرة على التعبير عن تطلعات حضرموت المستقلة.
● أكدت مخرجات اللقاء على أن الحكم الذاتي هو الخيار الجامع للحضارم، وأنه الطريق الأمثل لصون سيادتهم وتحقيق العدالة.
● مواجهة الهجمة الإعلامية، حيث يهدف اللقاء ومخرجاته إلى بناء خطاب إعلامي حضرمي موحد قادر على مواجهة الهجمات الشرسة التي تشنها قوى متعددة، مثل الانتقالي والعفافيش والإصلاح، من خلال تنظيم الجهود وتوحيد الرسالة الإعلامية.
● الدعوة للاستثمار الإعلامي، من خلال دعوة رجال الأعمال الحضارم للاستثمار في مشروع إعلامي متكامل (قناة فضائية، إذاعة، منصات رقمية) ، وهي خطوة عملية لإنشاء أدوات إعلامية قوية ومؤثرة، تضمن وصول صوت حضرموت المستقل إلى الداخل والخارج.
وقد أرسل هذا اللقاء رسائل واضحة ومباشرة للجميع تضمنت :
أولًا، أن هناك حراكًا إعلاميًا حضرميًا جادًا يهدف إلى الخروج من دائرة التبعية وتشكيل صوت حضرمي مستقل.
ثانيًا، أن مشروع الحكم الذاتي وتشكيل قوات حماية ، ليس مجرد شعار سياسي، بل هو خيار إستراتيجي يحظى بتأييد واسع على المستويات الشعبية والإعلامية.
ثالثًا، أن حضرموت تسعى لتأكيد حضورها الفاعل في أي تسويات سياسية قادمة، وأنها لن تقبل تهميشها مرة أخرى.
ويمثل هذا اللقاء نقطة تحول ستؤدي بالتإكيد إلى ميلاد إعلام حضرمي جديد، أكثر وعيًا وتأثيرًا واستقلالية. وإذا تم تنفيذ مخرجاته بفعالية، فإنها ستعزز من قدرة الحضارم على حماية قضيتهم، وتحقيق مطالبهم المشروعة، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لحضرموت وأبنائها الأخيار.