كل المؤشرات والمعطيات تشير إلى أن محافظة حضرموت باتت تقترب في خط سيرها السياسي من أن تكون رقما صعبا في أي معادلة أو تسوية سياسية قادمة ، وأن هذه المكانة السياسية التي بدأت تحظى بها ، ماهي إلا ترجمة حقيقة للمشروع السياسي الذي أعلن عنه حلف قبائل حضرموت والمتمثل في حق المحافظة أن يكون لها ، قرارها السيادي ، و حكمها الذاتي ، و قوات حماية ، وغيرها من المميزات والخصائص ، و الأهداف والتطلعات المشروعة التي تبناها الحلف ، وكل ذلك لم يعد – كما يبدو – ورقة قابلة للمساومة والتفاوض ، أو نقاط مطروحة للنقاش بقدر ما هي ثوابت ومسلمات ، نتجت عن تاريخ طويل عانت خلاله حضرموت شتى أنواع المعاناة والإقصاء والتهميش والتبعية ، ومصادرة القرار ، والسيطرة على الثروات والمقدرات ، والحرمان من أبسط الحقوق والمتطلبات .
هذا الثمن الباهض ، والتكلفة الضخمة التي دفعها أبناء حضرموت ، و هذا الركام الهائل من الإرهاصات على مدى مايقارب من 60 عاما أثمر نضجا سياسيا ووعيا مجتمعيا أدى إلى استيعاب كل القوى الحضرمية الدرس جيدا ، وأفرز واقعا جديدا تمثل في إنشاء مكون سياسي متمثلا في حلف قبائل حضرموت ، الذي يرى كثيرون أنه بات يقترب هو الآخر من أن يمثل جزءا لا يتجزأ من كيان هذه المحافظة وهويتها .. وبدوره أنتج مشروعا سياسيا يهدف إلى أن يعيد لحضرموت مجدها وعزها ، و قرارها المصادر .
هذه النظرة التي بدأت تتشكل اليوم وتتدحرج ككرة الثلج ، وتتحول إلى قناعات راسخة ، ومسلمات ثابتة في وعي وأذهان المجتمع الحضرمي بكافة أطيافه ومكوناته السياسية .. بمافيها أولئك الذين كانوا يناصبون الحلف العداء ، ويقفون منه موقف المعارض .. لا لشي سواء لحسابات تتعلق بالإنتماءات ، والولاءات الضيقة التي عفى عليها الزمن .
إن هذا التقدم الكبير الذي أحرزه حلف قبائل حضرموت ، والمكاسب السياسية التي بدأت تتحقق لم تكن نتيجة ترديد خطابات سياسية تبيع الوهم لأبناء حضرموت ، أو نتيجة إطلاق شعارات براقة تدغدغ المشاعر والعواطف دون أن يكون لها رصيد من الواقع ، كلا .. فلا يمتلك الحلف فضائيات تسبح بحمد عمرو بن حبريش وتمجده صباحا ومساء ، ولا يمتلك طابورا طويلا من المطبلين والمزمرين الذين ينفخون ليل نهار لأجل تلميع وتحسين صورة الزعيم الأوحد ، وإنما يمتلك بن حبريش مشروعا سياسيا ، و قضية عادلة أجمع على عدالتها غالبية أطياف المجتمع الحضرمي في الداخل والخارج وهذه القضية العادلة ، وهذا الإجماع الحضرمي وهذا الالتفاف والتأييد هو الرصيد الحقيقي الذي يستند إليه بن حبريش ويمثل له الأرضية الصلبة التي ينطلق منها نحو إعادة ترميم البيت الحضرمي ، بل و إرساء دعائمه و قواعده من جديد على الشكل والهيئة التي يطمح إليها وينشدها كل أبناء حضرموت .
وعلى مايبدو أن أي رهان على فشل المشروع السياسي الذي تبناه حلف قبائل حضرموت ، والعودة بالمحافظة إلى مربع التبعية – ما هو إلا رهان خاسر ، وسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء .. كون كل المعطيات والشواهد تشير إلى أن القطار الحضرمي انطلق ولن يتوقف إلا في محطته الأخيرة .




















