المنصوب.. ضمير المبدأ وصوت المظلوم

كاتب المقال:

صالح المنصوب.. زميلاً عزيزاً عرفته منذ سنوات مثابراً مجتهداً، ليس موظفاً محصوراً بحيطان مكتبه فحسب، بل عقلاً مفكراً وأديباً وكاتباً لايشق له غبار فلا يكاد يمر حدث الا كتب عنه برؤيةٍ ثاقبةٍ وفكرٍ مستنير.

يكتب في كافة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. تراه ناحل الجسم لكنه في الواقع أثقل من جبل حديد الذي يمشي يومياً بجواره، وأرفع من جبل ناصه وجبال قعطبة التي ينتمي إليها ويعشقها بجنون.

أنه صحفي بارع و كاتبٌ جامع وشخصية فذة، يمني الهوى عروبي الهوية، يحلق في كتاباته بين أفياء اللغه فيقطف من ثمارها أينعها، ويوظفها في أبهى حلة لخدمة القضية.

يكتب بلغة رصينة سليمة، تجمع بين التشاؤم والتفاؤل واليأس والأمل، شأن الكاتب الذي يحمل هم وطناً يعيش فيه متجرعاً المعاناة والمتاعب، يعيش الألم والأمل معاً، فيعبر عنها بعبارات صادقة تخرج من القلب فتلامس الوجدان، وليس كمن يكتب من برج عالٍ أومن خارج الوطن، يظهر ذلك واصخاً من عناوين كتابته الكثيرة والمتنوعة..

على سبيل المثال لا للحصر «أعلنت اليأس يا صديقي» و «اليمن ضحية العناد والمكابرة وعمى الانتقام» و «خفايا النازحين.. الموقف الذي كسرني» و «الحالمين والمغفلين ضحايا الانتهازيين» و «جحيم الغلاء المعيشي يجلد ظهر اليمنيين» و «الوطن تحول إلى مساحة تثير الرعب» و «بقايا إنسان في بلد أوجعته الحرب» و «جبل المواقف العظيمة الذي نتكىء عليه» و «تقزم المناطق الوسطى مجدداً»، ومقالات عدة أخرى تصلح عناويناً لكتب تكون مرجعاً للكتاب والأدباء.

إن المنصوب أشبه مايكون بابن هيطل النجري (الشيخ الذي أضاعه طلابه)، كان عالماً نحريراً تدرس مؤلفاته في الأمصار ويعتد باقواله وترجيحاته ولكنه مغموراً في منطقته، فلما حج جلس في حلقة علم في الحرم واذا بالشيخ يذكر مسألة فقهية ويقول ورجح ابن هيطل كذا، فقام وقال انا هو، فأكرمه الشيخ وأجلسه مكانه، فقال النجري كيف عرفتوني وجيراني لايعرفوني، فرد عليه الشيخ أنتم علماء اليمن وضعتم أنفسكم في مضيعة، فعاد وقوض خيامه ورحل إلى مكة وقال بيته المشهور (قوض خيامك راحلاً عن حوثِ.. حوث الخبيث مأوى كل خبيثِ)، فذاك شيخ أضاعه طلابه وزميلي كاتب أضاعه زملاءه ومرؤوسيه ومرفقه.

يجب أن يستفاد منه، ويستعان به، ويعطى حقه من الرعاية والاهتمام وكما هي دعوة لجهة عمله هي دعوة أيضاً للجهات المعنيه بالمفكرين والأدباء.

ومهما يكن يظل المنصوب منصوباً كاسمه لايعرف الجر ولا الكسر ولا الضم لأنه صاحب مبدأ وعلمٌ ممنوع عن الصرف، وينطبق عليه عباره من أحد مقالاته: “الرائعون دائما تبقى الأماكن مظلمة حزينة، حين يغادروها ولو لفترة قصيرة” و “قعطبة تبدو مثل شيخ مسن سقطت منه باكورته ولم يجد من يرفعها إليها”.

فهو رائع ومن أبناء قعطبه، وربما أصابه شيءٌ من الأهمال كما أصاب منطقته الواقعه في المنتصف، فما قصر من القذائف سقط عليها حرباً، وما فاض من المشاريع وصلها سلماً.. فلا تعلن اليأس ياصديقي.

إقرأ أيضاً للكاتب:

اضف تعليقك