رسائل “الدييسة”.. حضرموت العسكرية ترفض مخططات استهدافها!

كاتب المقال:

صبري سالمين بن مخاشن

ناشر ورئيس تحرير صحيفة المحرر صحفي وناشط سياسي

في مشهد غير مسبوق في تاريخ المؤسسة العسكرية بحضرموت، شهدت “الدييسة” السبت 19يوليو 2025م لقاءً عسكريًا وأمنيًا استثنائيًا، لم يكن مجرد اجتماع تضامني، بل أقرب إلى إعلان موقف عسكري موحّد ورسالة مفتوحة للدولة والمجتمع، حملتها القيادات الحضرمية من مختلف المستويات، مرتدين الزي الرسمي الكامل، وكأنهم يقولون: “حضرموت ليست وحدها.. ولن تُكسَر”.

حضور بالزي العسكري.. موقف معلن

ما ميّز لقاء “الدييسة” لم يكن فقط حجمه الكبير، بل طبيعته ونوعية المشاركين فيه: منهم مستشارو وزيري الدفاع والداخلية، أعضاء من اللجنة الأمنية بحضرموت، قادة ألوية المنطقة الثانية والنخبة الحضرمية، رؤساء الدوائر العسكرية، ضباط مؤثرون، وقادة عسكريون من حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع.

الحضور الكثيف بهذا الشكل، وبهذا التنوع، وبالزي العسكري الرسمي، لم يكن عابرًا أو بروتوكوليًا، بل تجسيدًا لوحدة موقف عسكري حضرمي يرفض الصمت، وينطق بوضوح.

هذا التجمع العسكري العريض لم يكن فقط للتضامن مع العميد محمد عمر اليميني، بل بمثابة تحرك ميداني ورسمي ضد محاولات تهميش وتفكيك النخبة الحضرمية، وضد ما وصفه الحاضرون بـ”العبث والفساد” داخل المنطقة العسكرية الثانية وحضرموت عموما .

رفض شامل.. تكتل مدني وقبلي يواكب الموقف العسكري

وليس اللقاء في “الدييسة” مجرد تحرك عسكري، بل يواكبه تحرك واسع على المستوى القبلي والمدني، حيث تشكلت حالة من الرفض الجماعي لما وصلت إليه الأوضاع في حضرموت من انهيار متسارع للخدمات الأساسية، على رأسها الكهرباء والمياه والصحة والتعليم ،ويأتي ،ورفض تفاقم ظاهرة الفساد داخل السلطة المحلية، واستهداف أصحاب الرأي والصحفيين، وتدهور النظام الإداري، ما أدى إلى حالة من الفوضى الإدارية التي تزعزع ثقة المواطن بمايسمى المجلس الرئاسي والحكومة والتحالف .

يؤكد هذا التكتل العسكري والقبلي والمدني وحدة الصف الحضرمية في مواجهة الفساد وسياسة العذيب بانهيار الخدمات وقمع حرية الرأي والتعبير ومحاولات تفكيك مؤسساتها، ورفضًا واضحًا لأي عبث يمس أمن واستقرار حضرموت.

ماذا تعني رسائل “الدييسة”؟

الرسائل كانت كثيرة، لكنها جميعها تركزت حول ثلاثة محاور أساسية:

1. رفض استهداف النخبة الحضرمية: ما جرى ويجري – حسب عدد من المتحدثين في اللقاء – ليس مجرد اعتقال لقائد، بل ضمن مخطط أكبر يسعى لتفكيك النخبة الحضرمية، واستبدالها بقوات من خارج حضرموت، في محاولة واضحة لتقويض الخصوصية الأمنية والعسكرية لحضرموت منذ 2015م.

2. رفض الفساد والعبث داخل المنطقة: حملت التصريحات نبرة شديدة تجاه ما وصفوه بـ”العبث الإداري والفساد المالي والانحراف عن أهداف المنطقة العسكرية الثانية”، وسط دعوات بمحاسبة القائمين على ذلك وفتح تحقيق شفاف يشمل قيادات داخلية متورطة.

3. رسالة قوة ووحدة: اللقاء أكد أن العميد اليميني ليس وحده، بل خلفه مؤسسة عسكرية ممتدة، موحدة، ورافضة لأي استهداف فردي أو جماعي، وأن صبر الحضارم على التجاوزات قد بلغ مداه.

ما الهدف من هذا اللقاء؟

المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن العميد محمد عمر اليميني

محاسبة كل المتورطين في اعتقاله خارج إطار القانون العسكري

وقف محاولات إضعاف النخبة الحضرمية أو اختراق صفوفها بقيادات غير حضرمية

تأكيد وحدة الصف العسكري الحضرمي مع القوى القبلية والمدنية في وجه أي عبث أو تهميش واستنهاض الموقف القبلي والمدني والعمل معا للدفاع عن حضرموت وخدماتها وحقوقها وكرامتها وقرارارها .

لحظة مفصلية في تاريخ المؤسسة العسكرية الحضرمية

“الدييسة” بعد اليوم ليست مجرد قرية بدوية غير معروفه تقع بين حدود مديرياتي الشحر وغيل باوزير ، بل تحوّلت إلى منصة تعبير سياسي عسكري عن حضرموت، ورسالة مباشرة إلى من يحاول اللعب بتوازنات القوة داخل حضرموت. ومحاولة التحكم في قرارها ومستقبلها ، وقد بات واضحًا أن التمادي في استهداف القيادات الحضرمية، أو فرض تغييرات تمس جوهر الكيان الأمني والعسكري لحضرموت، سيقابل برفض جماعي لا لبس فيه.

في الختام:

رسائل “الدييسة” لم تُكتب بالحبر، بل بالزي العسكري والانضباط الكامل والإجماع الصامت الصارخ. إنها الرسالة الأخيرة قبل أن يفقد الحضارم ثقتهم فيما تبقى من شرعية الدولة.

فهل يتدارك المركز والتحالف ما يحدث؟ أم أن حضرموت ستبدأ فصلًا جديدًا من الدفاع الذاتي عن قرارها وأمنها وكرامتها ؟

اضف تعليقك

كاتب المقال:

صبري سالمين بن مخاشن

ناشر ورئيس تحرير صحيفة المحرر صحفي وناشط سياسي