✍️ خالد عمر باسيود
عندما يرحل العظماء، تبكي السماوات والأرض، وتنفطر القلوب، وتنطفي منارة كبرى، كانت ترسل إشعاعات الخير والنور والسلام إلى البشرية جمعاء، وعندما يموت العظماء، ينكسر التاريخ، ويعتري الجغرافيا ألم الفقد، وحُزن الفراق.
الفقيد الوالد/ سالم بن سعيد بن أحمد بن رمدان – طيّب اللَّه ثراه –
أحد هؤلاء الشخصيات الذين أنجبتهم مدينة الشحر في القرن العشرين، ووهبتهم من الشمائل التي لا تُحصى، وحبتهم بقدرات مميّزة ارتقت بهم إلى سلّم المجد والتضحية والعطاء.
الفقيد – عليه رحمة اللَّه –
رجل ليس ككل الرجال، ورمز ليس ككل الرموز، فما تركه هذا الرجل الاستثنائي، بين دفتي كتاب حياته، الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة، كل صور العطاء والتضحية، يضعه حتمًا بين أهم الشخصيات الاجتماعية عبر تاريخ مدينة الشحر.
إننا اليوم إذ نتذكر الوالد/ سالم سعيد بن رمدان – طيّب اللَّه ثراه –
فإننا لا نتذكر رجلا عاديًا، أو شخصًا عابرًا، وإنما نتذكر رجلا بأمة، رجل أعطى وضحّى بكل ما يملك للبلاد على وجه العموم، ولحارته على وجه الخصوص، فقد عمل ليلًا ونهارًا لخدمة قضايا ومصلحة مدينته وحارته.
ويجب أن تعي الأجيال الجديدة، صعوبة المهمة التي بدأها فقيدنا – طيب اللّه ثراه –
في سبيل تحقيق هذه المهمة النبيلة والمشرفة والتي لا تليق إلا بالرجال العظماء من أمثاله.
لقد رأينا جميعًا كيف كان الفقيد – رحمه اللَّه –
يقطع مسافات الدهور والأيام، ويسابق ساعات الزمان، من أجل أن يجعل أبناء حارته سُعداء بأسرع ما يمكن، وهو عهد ووعد قطعه على نفسه الأبية، العهد والوعد الذي نشهد جميعًا أنه أوفى به، فأي نفس عظمية يحتويها هذا الرجل؟ وأي وفاء هذا الذي يحمله قلبه الكبير، فقد أظهر – رحمه اللَّه –
قوة في العمل، وبشاشة وروح دعابة تعلو محياه الكريم، على الرغم من كل الأعباء الثقيلة التي تحمّلها في حياته الغنيّة بالعِبر والدروس.
هكذا رحل الفقيد – طيب اللَّه ثراه –
بعد أن حمل همومًا على عاتقه، حتى آخر يوم من حياته، وهكذا دائمًا يموت العظماء.
في مثل هذا اليوم الحادي عشر من شهر رمضان، غادرنا عاقل حارة المجورة وأحد أعيان مدينة الشحر، ولكي يرتاح بجوار ربه الكريم، دعونا نستلهم الدروس والعبر من سيرته العطرة المباركة، دعونا نتعلم منه القوة في مواجهة الشدائد، ونستحضر هيبة روحه العظيمة التي ترفرف بسلام وشموخ فوق سماء المدينة، دعونا نتعلم منه انتظار الفجر الجديد، رغم ظلام الأمس الدامس.
رحم اللَّه هذه الروح العظيمة، والتي نفتقدها بشدة، رحم اللَّه أبا سعيد برحمته الواسعة، وجعله مع الصديقين والشهداء والأبرار، إنّه سميع مجيب الدعاء.
