في خطوة جديرة بالإشادة، أقام المصور والإعلامي جمعان دويل بن سعيد معرضًا فوتوغرافيًا في القرية التراثية بحي السحيل بمدينة سيئون، جذب اهتمام محبي الصورة وعشاق الفن البصري، الذين حضروا حفل التدشين لمشاهدة مجموعة مختارة من الصور التقطها عدسة الزميل دويل على مدى سنوات، والتي حملت رسائل إنسانية ومواقف معبرة، جسّدت مشاهد من الحياة اليومية والثقافية في وادي حضرموت.. فكل صورة كانت حكاية، وكل زاوية شكلت وثيقة بصرية تنبض بالمشاعر والذاكرة، ما منح المعرض – حسب زواره – قيمة فنية وإنسانية كبيرة.
تزامن المعرض مع المناسبة الاجتماعية والتراثية البارزة «مُطْلَع حافة سحيل سيئون» ، التي تقام سنويًا خلال احتفالات عيد الأضحى المبارك، وتشهد حضورًا واسعًا من الأهالي والقيادات المحلية والوجهاء، في أجواء تسودها البهجة ويعلو فيها صوت التراث والتقاليد.
و السحيل، أحدى مناطق سيئون وما يميزها كغيرها من بلدات وادي حضرموت، محافظتها على تماسكها الاجتماعي وإحياؤها المستمر للفعاليات التراثية، التي تُعدّ رافدًا للهوية الوطنية ومصدرًا للبهجة للأهالي. ويُعتبر إدخال المعارض الفوتوغرافية إلى هذا النمط من الفعاليات نقلة موفقة ، لما تحمله من طابع توثيقي عميق يعزز حضور التراث في الذاكرة الجمعية.
ورغم أن حضرموت شهدت في السابق تجارب فوتوغرافية ناجحة لمصورين مميزين كـخالد بن عاقلة ورشيد بن شبراق، وتفردت تجربهما بالتمييز، ربما بفضل بيئة داعمة وقيادات أدركت أهمية الصورة كوسيلة للتعبير والتوثيق، إلا أن بن عاقلة توالت معارضه في مناسبات محلية كثيرة و أفسح أمامه المجال لمشاركة خارجية، لكن ما قدّمه جمعان دويل – على بساطته – هو تأكيد على حضوره الإعلامي وأن الكاميرا ليست مجرد أداة توثيق، بل وسيلة لصناعة الوعي، وحفظ التاريخ، ونقل صوت الناس بلغة الصورة.
إنني إذ أحيي الزميل جمعان دويل على هذه المبادرة الفنية ذات الطابع الإنساني والثقافي، و أراه نموذجًا ملهمًا لمن يؤمن أن الصورة قادرة على أن تتحدث بما يعجز عنه الكلام، ولهذا فإن ومؤازرة مثل هذه المبادرات الذاتية مطلوب دعمها وتشجيعها، بوصفها تعد مسحة وفاء لمسيرة إعلاميين ومصورين نذروا عدساتهم لخدمة المجتمع وتوثيق إرثه العريق.