اخبار:
عادTV يكشف فضيحة تصدير الرمال السوداء عبر ميناء المكلا.. معلومات خطيرة وصادمة !!(وثائق)

(عاد/حضرموت)قسم التحقيقات والتقارير:

أبحرت مساء اليوم الجمعة سفينة الشحن “مرسى فيكتوري” من ميناء المكلا تحمل على متنها شحنة ضخمة من خام الرمال السوداء، تمهيدًا لتصديرها إلى دولة الصين لصالح شركة صينية تُدعى “الحصان الأسود” للتعدين والاستيراد والتصدير.

ووفقًا لوثيقة تحصلنا على نسخة منها صادرة عن هيئة الجيولوجيا والمعادن بحضرموت بتاريخ 2 أكتوبر 2024م فقد طلبت الهيئة من مؤسسة موانئ البحر العربي السماح بخروج 250 طن من الرمال السوداء بناءا على طلب من شركة الحصان الأسود واستنادا على توجيهات وموافقة وزير النفط ومحافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، لبيعها خارج الوطن.

ردود أفعال غاضبة ومنددة

مذكرة هيئة المساحة الجيولوجية بالسماح بإخراج وتصدير هذه الشحنة، أثارت الرأي العام الحضرمي وتسببت بموجة من الغضب والتنديد ،حيث أدان نشطاء حقوقيون ومواطنون حضارم نهب وسرقة ثروات حضرموت، وعلى رأسها الرمال السوداء الغنية بالمعادن الثمينة.

واثيرت إتهامات لمسؤولين وقيادات رفيعة في الحكومة والسلطة بالتواطؤ وتقديم تسهيلات غير قانونية تساعد على تهريب هذه الثروة الحيوية الهامة وتصديرها إلى الخارج.

ما هي الرمال السوداء وما أهميتها ؟

تُعد الرمال السوداء من أهم الثروات الطبيعية في حضرموت، وتتركز بشكل أكبر في المناطق الشرقية والغربية من ساحل حضرموت، تحتوي هذه الرمال على نسبة عالية من المعادن الثقيلة ذات الأهمية الاقتصادية، مثل الإلمنيت، الزركون، الماجنتيت، الروتيل، الجارنت، والمونازيت الذي يحتوي على مواد مشعة.

تُستخدم هذه المعادن في العديد من الصناعات الاستراتيجية حول العالم، مثل صناعة الطائرات والسفن والدهانات والمواد المقاومة للحرارة. كما أن استخلاص هذه المعادن يساهم في تنظيف الشواطئ من المواد الضارة بيئيًا.

وتعتمد العديد من دول العالم على ثروة الرمال السوداء التي تدر مئات مليارات الدولارات على خزينتها العامة.

الإطار القانوني لتصدير الرمال السوداء

وفقًا لقانون المناجم والمحاجر رقم ٢٢ لسنة ٢٠١٠م ولائحته التنفيذية رقم ١ لسنة ٢٠١٢م، لا يجوز تصدير خام الرمال السوداء باعتبارها ثروة وطنية تحتوي على معادن سيادية خاصة بالدولة. ولا يُسمح بتصديرها وخروجها، ومنها معدن المونازيت الذي يحمل عنصر الثوريوم المشع، إلى جانب غيره من المعادن الثمينة ذات القيمة المعدنية العالية.

محاولات سابقة لتصدير خام الرمال السوداء من حضرموت

تجدر الإشارة إلى أن أول دراسة استكشافية للرمال السوداء في حضرموت أجرتها شركة “هنتنج للجيولوجيا والجيوفيزياء” البريطانية في منطقة السفال بمديرية بروم ميفع، وذلك خلال الفترة بين 1976م و1977م. وفي عام 2013 مُنحت شركة “مركز منصور الاقتصادي” المصرية رخصة استكشاف فلزي رقم (1/2013) بتاريخ 19 مارس 2013م لاستكشاف الرمال السوداء. قامت الشركة بدراسة وتقييم نتائج دراسة “هنتنج” البريطانية. وفي 2016م، تم تحويل الترخيص المصري من رخصة استكشاف فلزي إلى ترخيص استغلال صناعي برقم (1290) بتاريخ 27 مايو 2016.

وبحسب تقرير سابق صادر عن هيئة المساحة الجيولوجية في 14 يونيو 2018م قامت الشركة المصرية بتصدير كميات كبيرة من الرمال السوداء بلغت إجمالاً 1575 طناً، وذلك على مرحلتين الأولى بتاريخ 26 ديسمبر 2015 بكمية 980 طناً والثانية في 24 يناير 2016 بكمية 595 طناً، وذلك بحجة إجراء تجارب نصف صناعية ، هذه الكميات الكبيرة والضخمة المصدرة تجاوزت بكثير ما هو مطلوب للفحص والتحليل مما يشير بوضوح إلى استغلال الشركة المصرية أثناء احتلال تنظيم القاعدة وغياب الدولة وأجهزتها.

وعام 2018م عادت الشركة إلى حضرموت تحت ذريعة الاستثمار. ولكن هذه المرة تم إلزامها بتحويل الترخيص إلى فلزي نظراً لاحتواء الرمال على معادن ثقيلة تُدرج ضمن الاستكشافات الفلزية، كما أُجبرت الشركة على دفع الرسوم المستحقة بأثر رجعي وجلب جهاز لفصل المعادن الثقيلة. وتم افتتاح مصنعها في 17 أبريل 2018 بالتزامن مع الذكرى الثانية لتحرير المكلا، وحاولت الشركة تصدير كمية جديدة من الرمال السوداء فشلت محاولتها نتيجة إلزامها بالضوابط القانونية وبعد فترة قصيرة اختفت الشركة وتوقفت بشكل نهائي. ويبدو من الواضح أنها تهربت القيود والشروط التي فرضت عليها.

وفي نوفمبر 2020م حصلت شركة “الحصان الأسود” على رخصة لاستكشاف الرمال السوداء في منطقة السفال بمديرية بروم ميفع.

 

 

وأفاد الأستاذ علي سليمان باقروان المدير العام الأسبق لمديرية بروم ميفع : ” بعد إعطاء موافقة لشركة “الحصان الأسود” على ترخيص استكشاف فقط. وبعد مرور أشهر قليلة تم النزول إلى الموقع المرخص للشركة بالاستكشاف فوجئنا. أن الشركة لديها مصنع والعمل مستمر.”

ويكشف هذا العمل حجم التجاوزات والمخالفات القانونية الفادحة التي ارتكبتها الشركة منذ دخولها إلى حضرموت ورغبتها الفاحشة في نهب وسرقة ثروات حضرموت تحت غطاء الاستثمار

 

 

في يوليو 2021م حاولت الشركة تصدير 500 طن من الرمال السوداء إلى دولة الصين، بموافقة مدير عام هيئة المساحة الجيولوجية السابق المهندس صلاح بابحير بحسب وثيقة تحصلنا على نسخة منها صادرة بتاريخ 13/ يوليو 2021م، موجهه إلى رئيس مؤانى البحر العربي، حيث أعطى بابحير تصريحا بخروج هذه الكمية بحجة التحليل واجراء التجارب الصناعية، مما خلق رأي عام غاضب ورافض لتصدير ثروات حضرموت خارج القانون. وتدخلت الأجهزة الأمنية والعسكرية والجهاز المركزي وتم إيقاف تصدير الشحنة بعد أيام قليلة من الموافقة على تصديرها وذلك حسب خطاب المدير بابحير في 29 يوليو 2021م بقرار الإيقاف.

 

 

تحويل رخصة الاستكشاف إلى رخصة تعدين

بعد تعرقل عملية نقل الكميات الكبيرة رأت شركة “الحصان الأسود” ضرورة الحصول على رخصة تعدين. وفي 3 مارس 2023م، وقع مدير عام هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية فرع حضرموت فائز باصرة اتفاقية مع شركة “الحصان الأسود” لتحويل رخصة الاستكشاف الخاصة بالشركة إلى رخصة تعدين بخام الرمال السوداء في منطقة السفال بمديرية بروم ميفع. على أن تبدأ الشركة أعمالها بتحديث مصنع الفصل الأولي للخام واستيراد وتركيب مصنع الفصل المغناطيسي لفرز المعادن الداخلة في خام الرمال السوداء.

وتساءل علي باقروان عن توقيع اتفاقية التعدين مع الشركة، قائلاً: ” كيف يتم منح الشركة ترخيصاً للتعدين في عام 2023م، بينما قامت بتمرير 500 طن إلى الميناء في عام 2021م دون الحصول على ترخيص في مجال التعدين ؟ هذا العمل يُعد تهريباً لهذه الثروة .”

ونظرًا لأن القانون يمنع تصدير خام الرمال السوداء، كانت الشركة ملزمة بإنشاء مصنع للفصل الأولي وفرز المعادن، وفقًا لما نصت عليه الاتفاقية الموقعة معها. وبحسب مصادرنا قامت الشركة بالفعل بتحديث المصنع، لكنه لم يدخل حيز التشغيل. وبعد فترة وجيزة توقفت الشركة فجأة عن العمل بشكل كامل لأكثر من عام، واختفت عن الأنظار طوال هذه الفترة. وفي مطلع شهر أكتوبر الحالي من عام 2024م، قامت الشركة بنقل 250 طنًا من خام الرمال السوداء إلى ميناء المكلا بهدف تصديرها وبيعها خارج اليمن.

وحصلنا على مذكرة صادرة من مدير عام هيئة الجيولوجيا في حضرموت بتاريخ 2 أكتوبر 2024م، موجهة إلى مدير مؤسسة موانئ البحر العربي، تطالب بالسماح بخروج هذه الكمية بناءً على طلب الشركة وتوجيهات وزير النفط سعيد الشماسي والمحافظ مبخوت بن ماضي.

وفي فضيحة كبيرة أكد علي باقروان صحة المعلومات التي تحصلنا عليها والتي تفيد بأن الشركة توقفت عن العمل في الموقع منذ أكثر من عامين، ولا تزال متوقفة حتى اليوم بسبب مخالفتها القانونية.

وهنا يبرز السؤال كيف قامت الشركة اليوم بتصدير هذه الكمية وهي متوقفة عن العمل ؟

وأثار نقل هذه الكميات من قبل الشركة بتسهيلات وموافقة هيئة الجيولوجيا والمعادن، غضبًا شعبيًا واسعًا وانتقادات حادة. وندد نشطاء بما وصفوه بالنهب والعبث بثروات حضرموت والتفريط في مقدراتها بهذه الطريقة.

ووصف نائب مدير عام هيئة الجيولوجيا والثروات المعدنية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خالد عبدالواحد نعمان، السماح بتصدير 250 طن من الرمال السوداء بالــ “ الفضيحة الكبرى “.

واضاف نعمان: “ الرمال السوداء هي من الرمال الثقيلة التي تحوي معادن ثمينة جداً ”.

واردف عبدالواحد نعمان قائلاً ” في السبعينات كان السوفيت يغرفوا عشرات الاطنان من الموقع ويشحنوها على بواخر الى الاتحاد السوفيتي على أساس انها عينات تكنولوجية “

مشيرا الى أن لا أحد يعرف شي عن مصيرها ولا نتائج تلك العينات ، ولم يبلغوا الدولة حينذاك عن أي نتائج .

تبريرات واهية وركيكة 

بعد موجة الانتقادات والاتهامات المتعلقة بالتفريط في خام الرمال السوداء، ردت هيئة الجيولوجيا والمعادن في حضرموت عبر منشور نشر على صفحتها الرسمية في “فيسبوك” بتاريخ 10 أكتوبر 2024م. المنشور الذي افتقر إلى ختم الهيئة وكليشتها الرسمية، جاء ضعيفاً ومليئاً بالمغالطات حيث حاول تبرير تصدير كميات كبيرة من الرمال السوداء عبر الإشارة إلى أن الشركة المعنية تحمل ترخيص تعدين يتيح لها التصدير طالما أنها تلتزم بالشروط القانونية.

لكن الهيئة تجاهلت أن القانون رقم 22 لسنة 2010 بشأن المناجم والمحاجر ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 1 لسنة 2012، يمنع تصدير خام الرمال السوداء دون الخضوع لعملية الفرز والفصل المغناطيسي، وهي خطوة لم تُنفذ إلا بشكل صوري من خلال إنشاء مصنع للفصل الأولي فقط. كما تحققنا منه عبر مصادرنا الخاصة وسؤالنا لمواطنين من أهالي منطقة السفال ( رأس الكلب) في مديرية بروم ميفع، ولم يشير رد الهيئة تعميد رئيس مجلس الوزراء للاتفاق المبرم مع شركة الحصان الاسود. وكان يفترض أن يتناول ردهم نص الاتفاقية كاملاً لتكون أكثر شفافية ومصداقية، ليعرف أبناء حضرموت العوائد التي سيجنوها من هكذا إستثمار وإزالة الإتهامات بأن هذا الاستثمار يخدم أشخاص ولا يخدم حضرموت وأبنائها.

مصدر في حلف قبائل حضرموت أكد بأن الحلف سيعمل على إيقاف الشحنة المتبقية الآن في ميناء المكلا ولم تغادر والمقدرة بـ 250 الف طن وسيمنع الميناء من تصدير أي ثروات حضرمية حتى إشعار آخر. وأشار أن الحلف سيعمل مع الجهاز المركزي وهيئة مكافحة الفساد والجهات المختصة لتحقيق في الشحنة التي تم تصديرها اليوم عبر الميناء.

ختاما في ظل استمرار تصدير الرمال السوداء من حضرموت بهذه الكميات الكبيرة بتواطؤ رسمي وتجاوزات قانونية، هل ستبقى هذه الثروة الوطنية رهينة للفساد والتهريب؟ أم ستتحرك الجهات المعنية ومكونات حضرموت الوطنية لوضع حد لهذا العبث والحفاظ على هذه الثروة المعدنية الوطنية التنمية ومقدرات الأجيال القادمة؟

قم بمشاركة الخبر
واتساب
فيسبوك
تويتر
شاركنا رأيك بالتعليق في الأسفل
تدني رواتب أساتذة الجامعة في حضرموت بقلم أ. د. خالد سالم باوزير 
نـسـاء الـضـوء بقلم غيداء علي
أهمية الحفاظ على هويتنا الحضرمية بقلم أ.د. خالد سالم باوزير 
قائد بحجم أمة .. بقلم عيدروس الخليفي
العجز المخجل.. حين تُدار المعركة بعقلية المبرِر لا المسؤول بقلم عبدالرزاق قاسم
آخر الأخبار
المزيد