في وقت يرزح فيه المواطن في بلادنا – وخصوصًا في المناطق التي تعرف بالمحررة – تحت وطأة معيشةٍ لا تُطاق، واصل الريال اليمني انهياره متجاوزًا حاجز الـ700 ريال مقابل الريال السعودي، في صدمة جديدة تُعمّق معاناة الناس اليومية، وسط صمت حكومي يثير من التساؤلات أكثر مما يقدّم من إجابات.
لم يعد الانهيار المتسارع للعملة الوطنية مجرد رقم في سوق الصرافة، بل تحوّل إلى كابوسٍ يلاحق المواطن البسيط في تفاصيل حياته كافة، من شراء رغيف الخبز، إلى دفع إيجار المنزل، ناهيك عن تكاليف التعليم، والصحة، والنقل، التي باتت تتجاوز إمكانياته بمراحل.
ويتساءل الناس: ما دور مجلس القيادة الرئاسي في ظل هذا الانهيار؟ وما جدوى بقائه إذا كان عاجزًا عن اتخاذ أي خطوة ملموسة لوقف التدهور الاقتصادي؟ و إنقاذ حياة الشعب من هذه المصيبة .. وأين الحكومة من هذا النزيف المتواصل لقيمة العملة الوطنية؟
حتى الآن، لم تصدر أي إجراءات اقتصادية فعلية أو حزم إنقاذ عاجلة توازي حجم الكارثة. وبدلاً من تبنّي خطط مالية واضحة أو فتح قنوات تعاون دولية لاحتواء الأزمة، تتوالى التصريحات المطمئنة من المنتفعين بالسلطة وامتيازاتها، وهي تصريحات لا تجد صدى لدى المواطنين الذين باتوا يفتقدون الثقة بأي تحرّك رسمي.
ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة، بل مؤشر خطير على قرب الوصول إلى نقطة اللاعودة، حيث لن يكون بالإمكان إنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار دون أثمان باهظة – إن كان ذلك ممكنًا أصلًا – ، ومع كل يوم تأخير، يتسع الفقر، ويزداد الغلاء، ويتفشّى الظلم، وتكبر المعاناة، لتنهش في جسد المجتمع دون أي مقاومة حقيقية من الجهات المتربعة على كراسي السلطة.
وفي ظل ظروفٍ مزرية كهذه، يصبح من الضروري أن ترتقي قيادات الدولة والحكومة إلى مستوى المسؤولية، وأن تشرع في تقديم حلول حقيقية ومعالجات عاجلة، ما داموا قد ارتضوا أن يكونوا في مواقع القرار. لا يكفيهم الاكتفاء بتصريحات لا أثر لها، ولا قيمة.