في ذمتي شهادة، وأشعر أن من واجبي المهني، ومن باب الأمانة الصحفية، أن أصدع بها جهارًا، لا خوفًا ولا مجاملة.
إن سألتني، بكل تجرد، هل أحمد عوض بن مبارك “فاسد”؟ سأقول لك بملء الفم: لا، لم يكن يومًا كذلك.
نعم، للرجل أخطاء إدارية، وربما قصور في إدارة الأولويات، وربما لم يُحسن التعاطي مع مشهد بالغ التعقيد، لكنه لم يكن سارقًا، ولم تمتد يده إلى المال العام، ولم يُعرف عنه أنه تكسّب من منصبه، أو بنى مجدًا شخصيًا على أنقاض الدولة كما فعل غيره.
من يعرف سيرته ويتابع حضوره، سيدرك جيدًا أنه جنّب خزينة الدولة مليارات كانت تُهدر في عبث المحسوبين على السلطة.
أوقف عبث محطات الكهرباء المؤجرة، التي كانت تستنزف موارد الدولة بلا طائل. مزّق عقود نقل النفط المخالفة، وأبرم أخرى أكثر عدلًا وإنصافًا. أوقف نزيف الصرفيات التي كان بعض الوزراء يعبثون بها دون وازع أو رقيب.
ربما خانه الأداء، وربما عجز عن تحقيق اختراقات ملموسة، وربما بدا في كثير من الأحيان كمن يدير أزمة لا دولة، لكنه لم يسرق، ولم ينهب، .
سيغادر بن مبارك منصبه قريبًا، ووجب أن تُقال كلمة للإنصاف، لا لمحاباة ولا تزلفًا، بل شهادة للتاريخ: لقد جاء في زمن مستحيل، زمن لا ينجو فيه أحد، زمن تهاوت فيه المؤسسات، وذابت فيه هيبة الدولة، واستعصى فيه النجاح على كل قادم.
لقد كان جزءًا من مرحلة بائسة، كارثية، لم يشهد اليمن أسوأ منها في تاريخه الحديث، وربما لن يشهد.
نعم، فشل أحمد عوض بن مبارك في مهمته كرئيس وزراء، لكنه لم يكن فاسدًا، ولا لصًا،.