(عاد/مأرب)محمد المالكي:
تبنى الجيوش لمهمة حماية البلاد، وحراسة الثغور، لمواجهة الغازي، واخماد التمرد، على أسس وطنية، تظل مؤسسة الجيش سيادية، ثم يأتي التدريب والتأهيل والتسليح والهيكل المؤسسي وبناء التشكيلات والوحدات العسكرية باعتبارها وسائل تحقق هدف بناء جيش يكون على أهبة الاستعداد لتنفيذ مهمته، بهذا فقط يمكن تقييمه، وعليها تكتسب الجيوش القداسة، وتعتلي مكانتها، وتسود البلاد، ونحن اليوم بين عهدين وبمرارة نتذكر كيف سقطت عمران وصنعاء ولنا حينها مؤسسة عسكرية كان يفترض بها أن لا تسمح لذلك، ولم يكن ينقصها رتب ولا عدة ولا عتاد، وظل السلاح مكدس بمخازنه حتى تسلمه الحوثي.
اليوم تتكرر الحملات الموجهة ضد الجيش الوطني والمقاومة، تظهر النوايا والاهداف مع كل لحظة هامة ينتظر فيها الشعب الخلاص، تأسس الجيش الوطني والمعارك مستعرة، تشكلت الوحدات وتأهل في الميدان وخاض الدورات في التباب قبل القاعات، ميدان النار كان في الجبهات قبل المعسكرات، وقف جيشاً الوطني صلباً بأقل الامكانات أمام الحشود الحوثية، يحمل أمل الشعب في دحر المشروع الحوثي الايراني ولن تزيد حملات التشوية التي يتعرض لها الا تعرية لمن يقف خلفها، حين تصبح مناسبة لفتح ماضيهم الأسود وتذكيرهم بالعار الذي لن يمحى وهم غارقون باحقادهم بلا مشروع ولا مبادئ.
ببجاحة يخرج أحد مرتادي المقاهي في القاهرة ليشن حملة على اللواء الركن محمد الصباري، الرجل الحاضر في مقدمة الصفوف يقاتل مليشيا الحوثي منذ عشر سنوات، يخوض المعارك، ويدير الحرب، لم يسترح للحظة، ولم يبخل بالتضحية بنفسه وفلذات أكباده، يجرح في الميدان فيذهب للعلاج ويعود لمترسه، حتى إذا تولى منصب لايساوي شيء امام ما قدمه، ولم يكن ينتظره أو يبحث عنه، فيجد رواد المقاهي الفرصة السانحة للقيام بمهمتهم المعتادة في شن الحملات ضد الجيش.
من مقى في وسط القاهرة يستجلب الماضي ويبحث فيه فلا يجد الا أن البطل المقدام اليوم، كان مدرس قبل عشر سنوات، ويحضر الارتباط بحملات سابقة فيصف الجيش جيش المدرسين هذه أصبحت ديدنهم وبكل وقاحة يكمل رأس الشيشة ويفتح التلفون ليكتب عن أبطال مقاتلين دفاعاً عن شرف الجمهورية الذي اراقوه وراحوا يوزعوا التهم ويصرفوا الصكوك.
أما وقد أردتم فتح ملفات الماضي، فسوف نتذكر الخيانة التي أوصلت الحوثي إلى صنعاء، وخطيئة فتح المعسكرات له، واستقباله في مداخل المدن، نتذكر ونسأل أين كنتم؟ وماذا صنعتم بالجيش الخالي من المدرسين حينها.
قبل عشر سنوات كان المدرس يؤدي واجبه المناط في المدرسة، مطمئن أن جيش بُني من مال الشعب وتسلح على حساب قوت اليمنيين، مكلف بحمايته والحفاظ على البلاد ومؤسسات الدولة، لكنه اتضح أن ولاءه لشخص وليس للوطن ففتح مخازن السلاح للحوثيين، وانتظر طفل صعدة يقوده، والمشرف يسيره مع رتبه التي اثقلت كتفه، أما المدرس والشرفاء من الجيش السابق انحازوا للمقاومين، واندفعوا يخوضون غمار الحرب، اقتحم المدرس المخاطر، حمل روحه على كفه ورمى بنفسه في سعير المعركة ينتظر الموت بأي لحظة، خوفاً على أن تستكمل المليشيا سيطرتها على البلاد.
بعد أن فتحتم أبواب العاصمة للحوثي، لم يكن موقف المدرس أو قراره في انتهاج المقاومة طريق من الورود او انتقال إلى حياة الترف مثلكم، حتى يحرج من التذكير به، بل خيار وضع روحه ثمن، أما اليوم وبعد عشر سنوات من البطولة والاستبسال، والتضحية والفداء فحق له أن يفخر بتاريخه الناصع بما قدم من دروس في الشرف والاعتزاز لمن هم بلا شرف، فلم يكن يوماً عكفي ولم يهادن على مبادئه، ولم يتأخر عن نداء الواجب.
قبل عشر سنوات حين كانت البلاد تستباح، وأقدس المبادئ تدنس وأعظم الحرمات تنتهك كنتم تقهقهون بالضحكات، وتفاخرون بحنكتكم السياسية الملطخة بالخيانة، العارية من المبادئ، تبشرون بالعهد الجديد، وتضعون خدماتكم رهينة رضى القادم الجديد من صعدة لتعينوه بتراكم خبرتكم في تمهيد الطريق أمامه، وتقدمون الاستشارات في ملاحقة الخصوم، وتدفعونه للتمدد شرق البلاد وغربها حتى تحقق له ما اراد فكنتم الهدف التالي ومع ذلك لم تستفيدوا من الدروس!.
قدمتم البلاد لقمة لارضاء حقدكم ونزواتكم وها أنتم تواصلون نفسه المهمة، وتطعنون في أعظم الرجال، امتداد لماضيكم الأسود، وحملات التشوية، باهدافها المشبوهة وحفنة المال المدنس التي تقتاتون عليها تجركم للخزي، وتفضحكم أمام الشعب.