متى ستضع الحرب الإعلامية في محافظة حضرموت أوزارها؟ سؤال ملحّ يطرحه كل من يحرص على مستقبل هذه المحافظة العريقة، التي كانت وما تزال رمزًا للحكمة والاعتدال؛ ففي الوقت الذي تمر به البلاد بمرحلة حرجة، نجد أن معارك الكلمات والصور على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تزداد اشتعالًا، لتضيف عبئًا جديدًا على كاهل حضرموت وأهلها.
لقد تحوّلت الأقلام من أدوات للبناء والتوعية إلى أدوات للهدم والتفرقة، وكل طرف سياسي أو اجتماعي بات يمتلك مجموعة من الإعلاميين والنشطاء، يُغدق عليهم بالأموال لتشويه الطرف الآخر، بدلاً من توجيه هذه الجهود والموارد نحو تعزيز التماسك المجتمعي وبناء الثقة بين أبناء المحافظة.
إن هذه الممارسات ليست من أصالة حضرموت، بل دخيلة عليها، وبدأت تنتشر بشكل مقلق يهدد السلم الاجتماعي.. كما أن الحرب الإعلامية باتت تغذي النعرات والانقسامات، وتزرع الشكوك وتُضعف وحدة الصف، بينما تتربص التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية بالجميع دون استثناء.
أليس من الأولى أن تُصرف هذه الأموال في تنمية الإنسان الحضرمي؟ أليس من الأجدر أن توظف الطاقات الإعلامية في التوعية، ورفع مستوى الوعي السياسي والمجتمعي، بدلاً من إغراق المنصات الإلكترونية بخطابات التحريض والاتهامات المتبادلة؟
إن الوقت الراهن يتطلب التحلي بالحكمة، والابتعاد عن الاستقطاب والتخندق، والعمل بروح جماعية تتجاوز المصالح الشخصية والضيقة، فحضرموت بحاجة اليوم إلى خطاب إعلامي موحّد، يعلي من شأن المحافظة، ويصون نسيجها الاجتماعي، ويرتقي بمطالبها الوطنية.
حينما يدرك الإعلاميون والنشطاء أن دورهم الحقيقي ليس في خدمة أجندات مؤقتة، بل في بناء وعي مجتمعي مستنير؛ وحينما تتوحد الكلمة خلف قيادة سياسية وعسكرية وأمنية وقبلية تتبنى مشروعًا جامعًا لحضرموت، سيكون لأبناء هذه الأرض كلمة مسموعة في أي معادلة قادمة.
إن حضرموت بتاريخها وثقلها الجغرافي والاقتصادي والبشري تستحق أن تكون في موقع الريادة، لا ساحة للصراع، ويبقى الأمل معقودًا على كل عقلاء المحافظة، لوضع حد لهذا الانقسام الإعلامي، والعمل على ترسيخ ثقافة الحوار، والتفاهم، وتغليب المصلحة العامة فوق كل اعتبار.
فمتى ستضع الحرب أوزارها؟ الجواب بيدنا جميعًا.